الأحد، 6 نوفمبر 2016

ظل يكسره الضوء -8

سالم : التعري الذي يخدش الذوق العام الآن يعتبر موضة وهي منتشرة في مجتمعك ، ولكن هذه الموضة لم تأثر في المجتمعات المحفظة وما تشاهده لهو أكبر دليل ، في مجتمعاتنا ترى الحشمة والأدب من خلال اللباس التقليدي المتعارف عليه في العباءة والنقاب .

 

: لا تستطيع أن تفصل بين الحشمة والأدب ، الأدب حالة استثنائية وهي غير مرتبطة بالحشمة وكذلك الادب حالة لها ظروفها الخاصة هي غير مرتبطة بالحشمة والربط بين هاتين الحالتين يعبر عن عدم استيعاب للكثير من المتغيرات التي طرأت على سايكيلوجية هذا الوطن العربي , تستطيع أن تقول أننا ننحرف بحشمة  أو تستطيع القول أننا ننحل بأدب !

 

الإنسان مجرد مادة هلامية يتبع جذوره فالذي يدافع عن الإنحلال لو ولد في بيئة محافظة لوقف ضد الإنحلال والعكس صحيح . الإنسان أصبح الآن مجرد آلة تديرها مترسبات البيئة التي كان يعيش فيها . في علم النفس هناك عملية نفسية يطلق عليها إسم ( التعويض ) إن طبقت هذه العملية على مستوى الوطن العربي لخرجنا بحقيقة مرعبة ! وهذه العملية هي عبارة عن محاولة لإظهار شيء سيئ بصورة تكون مقبولة لدي المجتمع ، ومثال على هذا الإنسان الذي يميل إلى العنف يحاول أن يمارس هذا الشذوذ بطريقة مقبولة عند المجتمع لهذا تجده يمارس رياضة الملاكمة مثلاً . ونحن لسنا بصدد التحدث عن العنف لأن العنف الآن أصبح شيء يتباها فيه المسلمون حتى أصبح الإسلام في جميع المفاهيم والمعتقدات الأخرى مجرد دين يحرض على العنف . تستطيع أن تخرج من كل مئة ألف شخص في هذه الجزيرة العربية شخص واحد يمارس الملاكمة كعملية تعويض عن شذوذه النفسي ، ولكنك إن تحدثت عن الشعر ستخرج شخص واحد لا يكتب الشعر من كل مائة ألف يمارسون الشعر وخصوصاً الشعر الغزلي ! ممارسة الشعر هو عبارة عن عملية تعوض عن شذوذ أو كبت جنسي يكون كامن في غياهب الإنسان الشاعر ، فكتابة الشعر وخصوصاً الشعر الغزلي هو محاولة لإظهار هذا الشذوذ بطريقة يتقبلها المجتمع ! والعقد الجنسية في هذه الجزيرة العربية تبدأ من كتابة الخواطر ،  وتنتهي في أحدى الشقق المفروشة .

أمل فتاة في الثالث والعشرون من العمر ، جميلة ، أنهت دراستها الثانوية وأحست أنها تعبت من الدراسة فجلست في البيت ، تتابع الموضة ، يعرفه هذا من يراها من طريقة هندامها ، عينها كلمسة أخيرة وضعة في عمل فني لإبراز ما هو كامن من أشياء غير ملموسة ، كالأنوثة ، والإحساس المرهف . والتعبير عن ما هو ملموس ومخبأ ، من خلف النقاب تكتشف من عينيها أن الأنف الذي أسفل هاتين العينيين إن لم يكن أجمل منهن لكان في نفس مستوى الجمال ، والشفتين من المستحيل تسيئا لهذه التركيبة الجمالية . قوامها متناسق وممتلئ مزيج بين هذا وذاك أضفى لهذا الوجه الملائكي لمسة إنسانية ساحرة . تعرفت عليها في أحد مراكز التسوق الجديدة ، الصدفة جمعتنا في مقهى ستاربكس ، كانت تجلس خلفي عندما رن هاتفها النقال ، ففهمت من حديثها إن السائق تأخر عليها وأنها خائفة ، لا أعلم ما سبب خوفها مع ان الساعة لم تتجاوز الثامنة مساءً ومثل هذه المركز لا يغلق أبوابة إلا بعد الثانية عشر ليلاَ . فحاولت أن جاريها في خوفها فاتصلت على مسعود كنوع من التهكم .

: كيف حالك

مسعود : بخير ماذا لديك؟

: اشعر بالخوف فكل من حولي خائفون هل حدث شيء ؟

مسعود : حدثت اشتباكات في الصومال . ولكن لا تخف انها اشتباكات صغيرة لا تذكر .

: الآن انا مطمأن شكرا مسعود .

اغلقت الهاتف وسمعت ضحكة خفيفة صادرة من طاولتها فحاولت ان أبادرها بالحديث فقلت لها : اطمئني فصديقي مسعود يقول أن الاشتباكات التي حصلت في الصومال خفيفة ولا داعي للخوف . ابتسمت مع أن ملامحها تدل على أنها لم تفهم قصدي . فقالت : أي اشتباكات ؟

: التي حدثت في الصومال .

أمل : وما دخلنا بها ؟

: علام الخوف إذن ؟

امل : السائق تأخر علي لا أكثر .

: حتى وإن لم يأتي السائق فأبناء الحلال كثيرون . قلت هذه الجملة وأنا أشير على نفسي .

أمل ابتسمت قائلة : هذا ما اعتقده .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق