، هذا غباء الأستاذ مدحت ونلقبه بمدحت ( مهية ) والمهية هي الراتب الذي بقبضة العامل آخر الشهر ، قصير القامة أصلع من الأعلى يأخذ الشعر الذي فوق أذنه اليمنى ويرميه إلى الجهة اليسرى عندما ترى منظره للوهلة الأولى تعتقد أنه سقط سهوا إلى الحياة ، متوسط البدانة قميصه الزهري والبنطال الزيتي اعتقد انه ورثهم عن أبيه ولا يريد التفريط بهم فأنا منذ ان رأيته وهو بهذا الزي أعتقد انه الزي الموحد للغباء . هناك ملاحظة بسيطة أتمنى أن اذكرها نحن في المرحلة الابتدائية مع الأسف أقولها وقلبي يتقطع من الحزن نعم نحن في المرحلة الابتدائية والذي يدرسنا مجرد حانوتي يحمل شهادة . اتقي الله يا وزارة العلم فنحن في المرحلة الابتدائية هل تريدين منا ان نتخرج جزارين . أخبرني احد أصدقائي أن والده يقول في اليابان المدرس الذي يدرس تلاميذ الابتدائية شهادته بروفيسور، ونحن هنا دبلوم صنايع أنها مصيبة فإن ضاع الجيل هذا سيكون هناك فراغ فكري بين الأجيال . ترى كم جيل تحتاجون كي تكتشفون أخطائكم ، قبل عودتي من المدرسة ادفن سجائري في الساحة الترابية المقابلة لمنزلنا ، أمي لا تعرف رائحة الدخان فرائحة الطبخ أحدثت ثقب حلزوني في عقلها لهذا لا أهتم بها عند دخولي إلى المنزل . في عطلة نهاية الأسبوع أهرب من نافذة الحمام عندما أجد الأبواب مغلقة ، ومنذ ذلك الحين وأنا أعرف أن هناك مكان للخروج دائما ، الإنسان منذ نعومة أظافره يكتسب المعرفة ويتعلم وربما قابليته لاكتساب الأشياء السيئة أكبر من قابليته لاكتساب الأشياء الجميلة وهذا ليس خطأ سيكولوجي في تركيبة الإنسان إنما هو إرث تحمله الأجيال للأجيال الأخرى وعلى سبيل المثال عندما تريد أن تبني تحتاج إلى مهندس وأيضا إلى عامل ولكنك عندما تريد أن تهدم فأنت لا تحتاج إلا إلى عامل وينتهي العمل في غضون يوم أو يومين ، لهذا أعتقد أن الطريق الصحيح عادة ما يكون طويل وكي أكون واضحاً معكم فلإنسان يستطيع أن يقتل ولكنه لا يستطيع أن يحيي ! ستقول لي أنه يستطيع أن يحيي وتضرب لي مثلاً ، كي اختصر على كيلينا الوقت أقول لك لو أن الإنسان يستطيع أن يحيي لأقتنع سيدنا إبراهيم عندما احضر له النمرود رجلين من السجن وقتل أحدهم وأطلق الآخر كدليل على انه يستطيع أن يقتل ويستطيع أن يحيي، وعدم اقتناع سيدنا إبراهيم دليل كبير على أن الإنسان يقتل ولا يحيي وبما أن القتل شيء سيئ فإن الإنسان ذو ميول لاكتساب العادات السيئة أسرع من العادات الجميلة . والدتي تغلق الأبواب قبل النوم لهذا أنا أتسلل من نافذة الحمام ، نجتمع في الساحة الترابية نشعل النار نحاول أن نضع حد لتسلل البرد إلى مفاصلنا ، مع أن الفراش كان دافئ جداً إلا أننا فضلنا أن نمارس الشعوذة على رائحة الدخان في هذا الصباح الشتائي الجميل . خالد أمه مطلقة ويعيش مع أختين وأخ يصغره بعام واحد ، وصلاح الملقب بدينار هو آخر العنقود له سبع من الأخوة بنت وستة أولاد وهو الممول الرئيسي للمنظمة وفهد الملقب بعبقرينو يعيش مع والديه وجدته وله أخت واحدة ، هو العقل المدبر للمنظمة . انا يوسف مجرد تكملة عدد في هذه المنظمة . نجلس حول النار حتى الظهيرة نتبادل الألفاظ الجنسية والأحاديث التافه والأكاذيب ليس هناك هدف محدد لنا ، فالحياة مجرد مسرحية الجميع ينتظر إسدال الستار وأي فعل إنساني غير طبيعي مجرد خروج عن النص لا أكثر . في الصف الرابع المتوسط توقف عقلي عن التفكير وأصبح هدفي في الحياة أن أترك الدراسة وليس لهذا الهدف سبب معين فقط كان مجرد نزوة . تركت الدارسة وأصبحت بلا هدف ، الحياة مؤلمة وتكون أكثر إيلاماً عندما لا يكون لك سبب وجيه في الحياة ، من هنا بدأت مسيرة الوجودية لهذه النطفة الصغيرة المتشكلة على هيئة أنا ، فمجرد انك تأكل وتشرب وتتغوط لا يعتبر سبب كافي لوجودك أو الإحساس بجودك . ذات صباح كنا نلعب أنا وصديقي خالد وأثناء مرورنا بالشارع المظاهر لشارعنا لا اعلم انحنى خالد تحت أحدى السيارات لينظر وكنت لا اعرف ماذا يوجد اسفل السيارة ، وبلا تفكير انحنيت معه كي أكتشف مذا يوجد اسفل السيارة . كانت هناك نار صغيرة مشتعله اسفل السيارة ولا اعلم كيف رآها خالد ، واثناء انحنائنا خرج صاحب السيارة من البيت !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق